وكالة مهر للأنباء_ وردة سعد: من يواكب مسيرة الثورة الإسلامية الإيرانية يدرك ان النظام الايراني ليس كالانظمة الهشة في العالم التي ترهن مستقبلها بشخص الرئيس، إذ أن إيران تستند الى مبادئ ثورتها وثوابتها التي لا تتغير مع ذهاب رئيس او مجيئ ٱخر.
جولة اولى من الانتخابات الرئاسية الايرانية تمت بموعدها، وخلال فترة قصيرة، وفقا لأحكام الدستور، اتسمت بالدقة والمصداقية، والشفافية.
إجراء الانتخابات الرئٱسية بهدوء بعد استشهاد الرئيس ابراهيم رئيسي وعدد من المسؤولين جراء سقوط مروحيتهم، جاء ليدحض ادعاءات العديد في الخارج، المناوئين للجمهورية والمعادين لتوجهاتها،حيث اعتبروا انه باستشهاد الرئيس رئيسي ستدخل ايران في مرحلة من الفوضى والمشاكل.
فإذا بالجولة الاولى للانتخابات تخرس كل هذه التكهنات والنوايا السيئة حيال الجمهورية الإسلامية الايرانية.
وستشهد الجمهورية الإسلامية الأيرانية، يوم غد الجمعة، جولة أخرى للانتخابات الرئاسية، يمارس خلالها أبناء الشعب الإيراني، حقهم في تقرير مصير بلادهم.
حول الانتخابات الرئاسية، أجرت مراسلة وكالة مهر للأنباء، الأستاذة وردة سعد، حوارا صحفيا مع معالي وزير الخارجية اللبناني السابق الدكتور "عدنان منصور"، وجاء نص الحوار على النح. التالي:
استطاعت ايران الجريحة باستشهاد رئيسها وثلة من قياداتها السياسية والدينية والامنية، ان تنجز انتخاباتها الرئاسية بسرعة بحسب ما تنص احكام دستورها، وتجاوزت صدمتها بنجاح.. فما دلالات ذلك على مستوى الدولة والنظام السياسي؟ وكيف سينعكس ذلك على المواطن وثقته بالقيادة؟
بعد استشهاد الرئيس إبراهيم جراء سقوط طائرته الهليكوبتر مع عدد من المسؤولين، ظن العديد في الخارج أن ايران ستشهد اضطرابات وازمات وخلافات، وهذا الظن لا يعكس حقيقة الاوضاع في ايران ، اذ وجدنا كيف ان القيادة الايرانية تحركت بموجب الدستور بعد شغور منصب رئاسة الجمهورية. هكذا تحركت القيادة الايرانية بسرعة لاجراء انتخابات عاجلة في الفترة الزمنية التي حددها الدستور، والتي لا تتجاوز ال50 يوما، هكذا شهدنا كيف ان القيادة الايرانية جهزت كل الوسائل من اجل اتمام العملية الانتخابية والتي جرت في الاسبوع الماضي بشكل هادىء جدا ما لفت الانتباه فعلا واثار الاهتمام.. اذن ما كان يعوله المعادون لايران وسياساتها ونهجها، على الفوضى والاضطرابات والمشاكل قد تبخر.
هؤلاء ينظرون ولا يعرفون عن قرب حقيقة الثورة الايرانية وتماسك القيادة.
هناك دستور يحدد ما يجب القيام به عند شغور منصب رئيس الجمهورية، وبناء عليه،جرت الانتخابات في مرحلتها الاولى على اكمل وجه، وبكل شفافية، حيث كان هناك متنافسون وكان هناك من انسحب للآخر.
نستطيع ان نقول انه في المرحلة الاولى تحقق الانجاز في اجراء الانتخابات في موعدها المحدد عملا بأحكام الدستور ونصوصه.
الانتخابات الرئاسية التعددية جرت في ايران في اجواء مثالية في الداخل كما تميزت بغياب اصوات القوى التخريبية التي كانت تستغل اي حدث للتشكيك بسلامة الاجراءات وشفافية العملية.. والسؤال لماذا غاب التدخل الاجنبي عن هذه العملية؟ ولماذا غلت ايدي المعارضين للنظام في الخارج؟ هل يئس هؤلاء جميعا من محاولات النيل من النظام الاسلامي في ايران؟
لا شك اثبتت ايران منذ نجاح ثورتها وحتى اليوم اي منذ 45 عاما ان القيادة الايرانية متماسكة وان النظام صلب وان هناك دستور ومؤسسات دستورية تقود الجمهورية الاسلامية، وما يدل على متانة النظام من حيث الامن ومن حيث التركيبة ومن حيث السياسة هو ان الانتخابات جرت فعلا في اجواء مرضية ومثالية في الداخل، لم يكن هناك ما يعكر صفو الامن على اساس ان القوى الامنية الايرانية وفرت للايرانيين متطلبات المشاركة في الانتخابات،وانجزت عملها على اكمل وجه وحققت هدفها واستطاعت فعلا ان تكون على مستوى المسؤولية اثناء القيام بمهامها.
المعارضون للنظام في الداخل او في الخارج عجزوا عن تغيير مجرى الثورة الايرانية ونظامها، بل ٱثروا شن حملات اعلامية مغرضة متواصلة عليها من الخارج ، تنال من النظام والدولة، وهذا امر معروف ليس من الان بل منذ خمسة واربعين عاما، ولكن بالنسبة للنظام الايراني فهو نظام صلب متماسك لا تستطيع الجماعات التي يديرها الخارج النيل من النظام او تشويه اسسه، او وقف تقدمه.و
من يعش في ايران يعرف ذلك جيدا، ومن يواكب مسيرة الثورة يدرك ان النظام الايراني ليس كالانظمة الهشة التي تستند الى شخص الرئيس... ما ان يذهب، تتغير سياسات البلد في الشكل والاساس مع رئيس جديد.
في إيران الامر يختلف كليا، أي رئيس ينتخب، يبقى نهجه يخضع لمبادئ وأسس النظام الاسلامي ودستوره وقوانينه. فالرئيس لا يحكم بمزاجية شخصية، وإنما يتقيد بالدستور والمجالس التي تصون الثورة الايرانية وتحافظ على ثوابتها ومبادئها.
هذا الامر لا يمنع ان يكون هناك معارضون. ففي كل دولة هناك معارضون للنظام، لكن المعارضة يجب ان تتجلى بالوطنية، والمسؤولية، لا ان تنحرف وتمد يدها للقوى الخارجية التي تتربص بالانظمة الوطنية وتعمل على الإطاحة بها. عندئذ لن تكون معارضة وطنية حقيقية، وإنما زمرة عميلة تدار وتوجه من الخارج ضد مصالح وطنها، وأمنه القومي وسلامته واستقراره.
رغم كل الايجابيات التي رافقت الانتخابات الرئاسية التي في أجواء هادئة وديموقراطية.. الا ان المشاركة الشعبية والاقبال على صناديق الاقتراع لا يزالان في حدود اقل من الطموح.. الى ماذا تعزون ذلك؟ وما المطلوب لمعالجة هذه الظاهرة السليبة ؟
لا شك كان هناك تمنيات من قبل قائد الثورة بأن تكون المشاركة اكبر في العملية الانتخابية ولكن الظروف الاقتصادية الصعبة الناجمة عن العقوبات الغربية الظالمة بحق ايران جعلت من الاوضاع الاقتصادية اوضاعا صعبة، ولكن مشاركة اربعين بالمئة لا يعني ان هذا الامر يشكل مؤشرا خطيرا مطلقا، هناك دول تصل نسبة المشاركة في الانتخابات على انواعها الى 35٪ او اقل. لكن في نهاية الامر هناك دستور ومؤسسات تستطيع السير بالدولة، لتؤدي عملها بشكل اكثر انتاجية، واكثر التصاقا بالمواطنين بغية تلبية حاجاتهم ومطالبهم. نسبة المشاركة تتارجح من وقت الى وقت وفقا للظروف التي يشهدها المواطنون. واذا كانت نسبة المشاركة ضعيفة هذا لا يعني ان النظام الايراني في وضع حرج او ان الشعب الايراني لا يؤيد او يدعم النظام، هناك اسباب عديدة تدفع بالمواطن احيانا لعدم المشاركة اما عن لا مبالاة، او عدم الاهتمام او نتيجة الاحباط من سياسات اقتصادية رافقت السنوات الماضية.. واذا كانت المشاركة في الجولة الاولى %40 ، فمن المحتمل ان ترتفع مع حدة المنافسة بين المرشحين الباقيين، نسبة المشاركة في الدورة الثانية.
المهم ان الانتخابات الرئٱسية جرت في موعدها المحدد، حيث الالتزام بنصوص الدستور، يجعل الدولة والنظام والمؤسسات في إيران تسير في طريقها الصحيح ، وهذا يدل على ان النظام الايراني قادر في اي وقت ان يمتص اي ازمة تعترضه او حادث خطير عل شاكلة الحادث الذي أودى بحياة الرئيس ابراهيم رئيسي مع عدد من المسؤولين.
تبقى ايران مستمرة في نهجها، وفي سياستها وفي ادائها محافظة على مبادئ صورتها ايا كانت العقبات التي تعترضها.
/انتهى/
تعليقك